تفجير مسجد في مايدوجوري يعيد شبح الإرهاب إلى شمال شرق نيجيريا

تفجير مسجد في مايدوجوري يعيد شبح الإرهاب إلى شمال شرق نيجيريا
مصابون جراء حادث التفجير يتلقون الرعاية الطبية

شهدت مدينة مايدوجوري عاصمة ولاية بورنو في شمال شرق نيجيريا مساء يوم الأربعاء حادثا دمويا جديدا بعدما فجّر شخص يشتبه في أنه انتحاري عبوة ناسفة داخل أحد المساجد أثناء تجمع المصلين لأداء الصلاة، وأكدت الشرطة النيجيرية أن الهجوم أسفر عن مقتل 5 أشخاص على الأقل وإصابة 35 آخرين بجروح متفاوتة، في واقعة أعادت المخاوف الأمنية إلى الواجهة في منطقة تعاني منذ سنوات من العنف المتطرف.

وقع الانفجار قرابة الساعة 6 مساء بالتوقيت المحلي، في وقت كان المسجد مكتظا بالمصلين، وأفاد شهود عيان بأن دوي الانفجار أحدث حالة من الهلع والفوضى داخل المكان، حيث سقط الضحايا بين قتيل وجريح وسط محاولات الأهالي إسعاف المصابين قبل وصول فرق الطوارئ، ولم تعلن أي جهة حتى الآن مسؤوليتها عن الهجوم، إلا أن توقيته ومكانه يحملان بصمات الجماعات المتشددة الناشطة في المنطقة، وفق وكالة رويترز.

أكدت الشرطة النيجيرية أن قوات الأمن طوّقت موقع التفجير فور وقوعه، وبدأت فرق إزالة المتفجرات عمليات تمشيط واسعة في محيط المسجد بحثا عن أي عبوات ناسفة أخرى، وقال كينيث داسو المتحدث باسم شرطة ولاية بورنو إن التحقيقات جارية لتحديد هوية المنفذ والجهة التي تقف خلف الهجوم، داعيا السكان إلى التحلي بالهدوء واليقظة والتعاون مع الأجهزة الأمنية.

إدانة وتحذير للمواطنين

ندد باباجانا زولوم حاكم ولاية بورنو بالهجوم ووصفه بأنه عمل وحشي وغير إنساني، معتبرا أن استهداف مكان للعبادة يمثل انتهاكا صارخا لحرمة المساجد وقدسيتها، خاصة في وقت يؤدي فيه المسلمون صلاتهم، وقدم الحاكم تعازيه لأسر الضحايا، متمنيا الشفاء العاجل للمصابين، ودعا المواطنين إلى توخي الحذر في دور العبادة والأماكن العامة خلال موسم الاحتفالات.

الهجوم الأخير ألقى بظلاله الثقيلة على سكان مايدوجوري الذين يعيشون منذ سنوات في ظل تهديد أمني دائم، ويقول سكان محليون إن استهداف المساجد يزيد من حالة الخوف ويقوض الشعور بالأمان، لا سيما أن أماكن العبادة كانت ملاذا آمنا نسبيا وسط الصراع المستمر في نيجيريا.

يأتي هذا التفجير في سياق تصاعد المخاوف الأمنية في شمال شرق نيجيريا، حيث تنشط جماعات متشددة أبرزها بوكو حرام وتنظيم داعش ولاية غرب إفريقيا، ومنذ أكثر من 15 عاما تشن هذه الجماعات حملة عنف دامية استهدفت المدنيين والمساجد والأسواق ومخيمات النازحين، في محاولة لبسط نفوذها وفرض أيديولوجيتها بالقوة.

وفي أغسطس الماضي، هاجم مسلحون مسجدا ومنازل قريبة في ولاية كاتسينا شمال غرب البلاد، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 50 شخصا، في واحدة من أكثر الهجمات دموية خلال العام، وتظهر هذه الهجمات قدرة الجماعات المتشددة على تنفيذ عمليات قاتلة في مناطق متفرقة رغم الجهود الأمنية.

تشهد نيجيريا تمردا مسلحا تقوده جماعات دينية متشددة منذ عام 2009، بدأ في شمال شرق البلاد قبل أن يمتد إلى مناطق أخرى، ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة، أسفر هذا النزاع عن مقتل ما لا يقل عن 40000 شخص وتشريد نحو مليوني شخص، معظمهم في ولايات بورنو ويوبي وأداماوا.

وتسببت أعمال العنف في تدمير قرى بأكملها، وحرمان ملايين الأطفال من التعليم، وخلق واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في القارة الإفريقية، حيث يعتمد عدد كبير من السكان على المساعدات الدولية للبقاء.

تراجع نسبي وتهديد قائم

رغم تراجع حدة الهجمات خلال السنوات العشر الماضية مقارنة بذروة العنف، فإن التهديد لا يزال قائما، إذ نجحت الجماعات المسلحة في إعادة تنظيم صفوفها وتنفيذ هجمات نوعية تستهدف المدنيين بشكل مباشر، كما امتد الصراع إلى دول مجاورة مثل النيجر وتشاد والكاميرون، ما حول الأزمة إلى تهديد إقليمي واسع.

المنظمات الإنسانية حذّرت مرارا من أن استمرار العنف يفاقم معاناة المدنيين، خاصة في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية ونقص الخدمات الأساسية، ويخشى مراقبون أن تؤدي الهجمات على دور العبادة إلى تأجيج الانقسامات المجتمعية وزيادة الشعور باليأس لدى السكان.

في أعقاب التفجير، دعا مسؤولون محليون ووجهاء مجتمع إلى تعزيز الإجراءات الأمنية حول المساجد والأسواق والأماكن العامة، مع التشديد على أهمية التعاون بين السكان وقوات الأمن، كما طالبوا الحكومة الاتحادية بمواصلة دعم ولاية بورنو عسكريا وإنسانيا لضمان حماية المدنيين والحد من قدرة الجماعات المسلحة على تنفيذ هجمات جديدة.

تُعد مدينة مايدوجوري مركزا رئيسيا للأحداث الأمنية في شمال شرق نيجيريا، إذ كانت مهد ظهور جماعة بوكو حرام التي بدأت تمردها المسلح عام 2009 قبل أن تنقسم لاحقا إلى فصائل عدة من بينها تنظيم داعش ولاية غرب إفريقيا، وعلى الرغم من العمليات العسكرية الواسعة التي شنتها الحكومة النيجيرية بدعم إقليمي ودولي، لا تزال المنطقة تواجه تحديات أمنية كبيرة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية